- بنت الخطاب
- المساهمات : 588
تاريخ التسجيل : 25/03/2022
قصة للعبرة
الأربعاء يناير 11, 2023 6:57 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة للعبرة :
*إن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك*
لما تولى الحَكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل الحُكم في الاندلس
حدث خلاف مع الفقهاء
وكان أحد العلماء المطلوبين لسيف السلطان الإمام الفقيه
“طالوت بن عبدالجبار تلميذ الإمام مالك ، وهو من ( أكابر الفقهاء ) وقد هرب من بطش (الحَكم )
واستخفى عند جارٍ له يهوديّ مدة عام كامل
واليهودي في كل يوم يقوم بخدمته ويُكرمه أشد الكرم ، فلما مضى ( عام ) طال على الإمام “طالوت” الاختفاء ، فاستدعى اليهودي
وشكره على إحسانه إليه ، وقال له :
( قد عزمت غدًا على الخروج وسأذهب إلى الوزير ((أبي البسام )) فقد قرأ علي القرآن وعلمته ولي عليه حق التعليم وحق العشرة وله جاهٌ عند ( الحَكم ) فعسى أن يشفع لي عنده فيؤمّنني ويتركني )
فقال اليهودي :
( يا مولاي لا تفعل .. إنى أخاف عليك من بطش الحَكم بك
فأبى “طالوت” إلا الخروج ،
فخرج فى الخفاء ( بالليل ) حتى أتى دار الوزير فاستأذن عليه ، فأذِن الوزير له فلما دخل عليه رحّب به وأدنى مجلسه وسأله أين كان في هذه المدة فقص عليه قصته مع اليهودي
ثم قال الإمام “طالوت” للوزير أبي البسام :
اشفع لي عند ( الحَكم ) حتى يؤمنني فوعده الوزير بذلك ، ثم خرج الوزير من فوره إلى الأمير ” الحكم ووكل بـ طالوت ” من يحرسه فلما دخل الوزير ” أبو البسّام ” على الأمير ( الحَكم ) قال له لقد جئتك بهدية ( جئتك بطالوت رأس المنافقين ، قد ظفرت به!
فقال الحَكم :
( قم فعجّل لنا به )
فلم يلبث أن أُدخل الإمام طالوت على الأمير ، وكان الأمير يتوقد ويشتعل غيظًا منه فلما رآه جعل يقول :
(طالوت ؟
الحمد الله الذي أظفرني بك ، ويْحك والله لأقتلنك شر قِتله كيف استبحت حرمتي؟
فقال له الإمام طالوت :
ما أجد لي في هذا الوقت مقالاً إلا أن أقول لك والله ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدتك انحرفت عن الحق وما فعلت معك إلا ما أمرني الله به ، فسكن غيظ الحَكم !
ثم قال :
يا طالوت والله لقد أحضرتك وما في الدنيا عذاب إلا وقد أعددته لك وقد حيل بيني وبينك ، فأنا أُخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك ، اذهب قد عفوت عنك
ثم سأله الحَكم يا إمام :
كيف ظفر بك الوزير أبو البسام ؟
فقال : أنا أظفرته بنفسي عن ثقة ، فأنا لي فضل عليه فقد علمته القرآن
واستأذنته أن يشفع لي عندك ، فكان منه ما رأيت
فقال له : فأين كنت قبل أن تذهب إليه ؟
فأخبره ” طالوت بخبر اليهودي
فأطرق الأمير رأسه ، ثم نادى على وزيره أبي البسام وقال له :
يالك من رجل سوء قاتلك الله أيها المشؤوم أكرمه يهودي ، وسترَ عليه لمكانة العلم والدين ، وخاطرَ بنفسه من أجله
وغدرت به أنت ياصاحب الدين حين قصدك!
أيها المشؤوم ألا أديت له حق تعليمه لك ؟
اخرج عني قبّحك الله
لا أرانا الله في القيامة وجهك هذا إن رأينا لك وجها ، ولا أريد أن أراك بعد اليوم أيها المشؤوم
ثم طرده من الوزارة وضيّق أرزاقه
ثم مضت سنوات فرأى الناس هذا الوزير في فاقةٍ وذُلّ وكتب ( الحَكم ) لليهودي كتابا بالجزية فيما ملك ، وزاد في إحسانه ، فلما رأى اليهودي ذلك ، أسلم .
وأما ” طالوت ” فلم يزل مبرورًا عند الأمير إلى أن توفي ، فحضر ” الحَكم ” جنازته وأثنى عليه بصدقه وإخلاصه وعلمه .
-- أوردَ هذه القصة الذهبي في السِّيَر ،
والقاضي عياض في ترتيب المدارك.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى