منتدى الإخوة في الله للرؤى والأحلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
يمام الدارأمس في 11:57 amيوسف
الله يوفقكم جميعا السبت أبريل 20, 2024 7:21 pmغربه غريبه
مدخل إلى علوم القراءات . السبت أبريل 20, 2024 3:15 pmغربه غريبه
عيدكم مباركالأربعاء أبريل 10, 2024 6:32 pmغربه غريبه
)) دف العيد ((الأربعاء أبريل 10, 2024 12:12 amغربه غريبه
ما ترجمة النقش على السيف الجمعة أبريل 05, 2024 7:56 pmغربه غريبه
حلويات الارض السعيدة الإثنين أبريل 01, 2024 5:55 pmغربه غريبه
تحري ليلة القدر الأحد مارس 31, 2024 10:42 pmغربه غريبه
ما فات اكثر مما بقي من الشهرالأحد مارس 31, 2024 5:31 amغربه غريبه
الشخص المهم او المتهم . السبت مارس 30, 2024 7:54 amغربه غريبه
القراءات..الجمعة مارس 29, 2024 10:10 amغربه غريبه
الظالم ظالم ولو ادعى العدل الإثنين مارس 25, 2024 4:51 amغربه غريبه
قطاع غزة ... الأحد مارس 24, 2024 10:02 amغربه غريبه
« إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ » إلى الأخ غربة.السبت مارس 23, 2024 6:21 pmغربه غريبه
أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     

اليومية

اذهب الى الأسفل
avatar
زائر
زائر

“دروس وعبر من قصة سبأ” Empty “دروس وعبر من قصة سبأ”

السبت يونيو 25, 2022 9:22 pm
.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.
“ دروس وعبر من قصة سبأ”
 الشيخ / عمر المقبل.. فك الله اسره. 
.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا
وإمامنا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
.
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته أيها الإخوة ، وإنني لأحمد الله -عزّ وجل- ثانيا
وابتداء وأثناء وانتهاء على نِعمه العظيمة والتي منها تيسير هذا اللقاء .
.
…لنتذاكر شيئا من معاني الوحي الذي نزل على قلبه بأبي هو وأمي
-عليه الصلاة والسلام- فإن الله -سبحانه وتعالى- قال له فيما قال:
 (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 
.
ومن المُسلم به أن الله -عزّ وجل- لا يقصّ علينا قصة في القرآن طالت أم قصُرت
لا يقُصها علينا لأجل أن نضيف إلى رصيدنا الثقافي والمعرفي مجرد معلومات ، لا،
إنما يقُصّها الله -عزّ وجل- علينا لغايات وحِكم منها ما أشارت له الآية الكريمة ( لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 
.
وآية في آخر سورة يوسف تحكي أو تُذكر بأنواع من العِبر أو بأنواع من الحِكم
ينبغي ألاّ تغيب عن ذهن المؤمن وهو يقرأ القصص قال الله -عزّ وجل- في خاتمة
سورة يوسف ، في آخر آية منها (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ) ماذا ؟ (عِبْرَةٌ) لمن؟ (لِّأُولِي الأَلْبَابِ) 
أصحاب العقول (عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ) ، (وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) 
.
فكلما مرت عليك قصة في القرآن فانظر مواضع الهداية منها، وانظر كيف
تستجلب رحمة الله بها ، وانظر كيف أثر الإيمان في قلبك بعد تلاوتها وتأملها
وهذا لا يكون إلا بالتفكر الذي قال الله فيه (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ) ولا يكون التفكّر
بالقراءة السريعة والهذرمة وإنما يكون بالتأمل وتحديق النظر ، هذه نقطة مهمة 
فيما يتعلق بالقصص القرآني.
.
 النقطة الثانية : 
شُغف كثير من الناس وهو يقرأ قصص القرآن بشيء وهو البحث عن تفاصيل
 أخفاها القرآن عمدا فينشغل بغير المهم عن المهم فمثلا : في قصة سبأ ما نسب
سبأ التاريخي ؟ يذهب إلى كتب التاريخ ويبدأ يتكلم على سبأ وكم هم القبائل ؟ ست 
مالذي بقي منها في اليمن ؟ وما الذي خرج منها خارج اليمن ؟ حتى انطبق عليهم المثل
المشهور تفرقوا أيدي سبأ ..وهكذا . فيدخل في هذه التفاصيل ، معرفتها جيدة لكن المشكلة
تأتي حينما يُغرق في الدخول في التفاصيل التي إنما عُمدت الكلام فيها على كلام يذكره بعض
المؤرخين لا مُستند له وإن شئت فقل لا حاجة للدخول في تفاصيله .
.
مثال آخر: 
في قصة يوسف -عليه الصلاة والسلام- تجد بعض الناس
انشغل بأسماء إخوة يوسف من هم ؟ ما اسم المرأة التي راودت يوسف ؟
وأين كان يسكن يوسف ؟ وهنا يختصم المصريون فيه - وحُق لهم أن يختصموا-
في الفيوم وإلا في مدينة أخرى . لا يُهمنا هذا ولا نبحث عمّا وراءه ، ولا ندخل في أسئلة جدلية.
.
لأننا نقطع - وهذه أيها الإخوة من القواعد المهمة في الانتفاع بقصص القرآن
 - نقطع يقينا أن الله -عز وجل- إذا أخفى علينا شيئا من التفاصيل في القصة
أنه لو كان لها أثر في انتفاعنا بها لذُكرت لنا ، فإذا أخفاها الله فلا نُشغل أنفسنا
إن مرت أو ذكرها بعضهم فالحمد لله أما أن نُمضي وقتا طويلا في البحث عن تفاصيلها
 بحيث نغفل عن المقصد الأكبر وهو الاعتبار فهذا نقص بيّن .
.
نتابع…
.
avatar
زائر
زائر

“دروس وعبر من قصة سبأ” Empty رد: “دروس وعبر من قصة سبأ”

السبت يونيو 25, 2022 9:35 pm
.


خذ مثالا ثالثا ، وأختم به هذه المقدمة :
في قصة أصحاب الكهف ، من هم ؟ ما أسماؤهم ؟ كلبهم ما لونه ؟
 وسبحان الله يأتي التوجيه في نفس سورة الكهف
 (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا)
.
 فيه جدل وأخذ ورد ، الإنسان بطبيعته -سبحان الله- يحب البحث
عن التفاصيل ولكن من تأمل في طريقة العلماء الربانيين في تناولهم
لمعاني القرآن الكريم وجدهم لا يدخلون في هذه التفاصيل ولا يُغرقون فيها
ولا يبحثون إلا عمّا يمكن أن يكون سببا معينا على فهم هذه القصة وأمثالها .
.
أيها الأحبة :
اخترت قصة سبأ لحقيقة مهمة أو لسبب مهم وهو :
 أن الخير الذي عاشت فيه تلك المملكة التي ذهبت في غابر التاريخ
وكان مقرها اليمن بل قال بعضهم إن سبأ هي صنعاء نفسها ، العاصمة هذه
التي هي من أقدم عواصم الدنيا ، اخترتها لوجود تشابه كبير بين ما كانوا عليه
وبين ما نحن عليه من نِعمٍ تترى ، نُزار ، يُجبى إلينا ثمرات كل شيء ..
.
 ونجد أنه يُتخطف الناس من حولنا ، نحن نعيش في نِعم إن لم نشكرها!
 فإنه يُخشى علينا من عواقبها ومآل عدم شُكران النِعم .
.
 ومن تأمل هذه القصة وتدبرها وتأمل سبب ورودها في هذه السورة العظيمة
لاشك أنه سيُحدث ذلك له أثرا عمليا وإن لم يُحدث فتفكُره ناقص.
.
 وهذا يدعونا إلى أن نطرح السؤال التالي :
كون أن السورة تُسمى بهذه القصة هذا له دلالته عند أهل العِلم
 دائما السور خصوصا تلك السور التي ليس لها إلا اسم واحد
كما هو معلوم بعض السور تُسمّى بأكثر من اسم لكن السور التي ليس لها إلا
اسم واحد ومنها سورة سبأ -فيما أحسب الآن- هذه لاشك أنها تبعث على التأمل
ما سر اختيار هذا الاسم لهذه السورة؟
.
خذوا مثال : البقرة لها أكثر من اسم لكن أشهر اسم لها هو البقرة،
ما معنى أن يُختار اسم البقرة لتكون علما على أطول سورة في القرآن ،
وسورة من أعظم سور القرآن ؟ ما ذاك إلا لرسالة ينبغي أن تفهمها هذه الأمة وهي :
ألاّ يسلكوا طريق أصحاب البقرة الذين لما جاءهم الأمر من الله تلكؤا فيه ، ما لونها ؟
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ؟ لو ذبحوا أي بقرة لحصل المطلوب فهي رسالة لهذه الأمة
إذا أتاكم الأمر من الله افعلوه مباشرة ولا تتلكؤا .
.
ولذلك قال الله في خاتمة السورة:
 (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)
.
هذا من فضائل هذه الأمة ، عكس بني إسرائيل 
الذين عانا منهم موسى ما عانا .
.
 أعود وأقول : كل سورة سبأ ليس لها إلا هذا الإسم وهذا يجعلك تتفكر
في أن هذه القصة تُشكّل العمود الفقري ، وإن شئت فقل تشكّل الرسالة القوية
التي ينبغي أن يعيها المؤمن من خلال هذه السورة .
.
وهذا يدعونا إلى أن ننتقل إلى سؤال آخر :
ما هو مقصود السورة ؟
ما هو الموضوع العام الذي يشملها ؟ من أولها إلى آخرها .
.
نتابع…
.
avatar
زائر
زائر

“دروس وعبر من قصة سبأ” Empty رد: “دروس وعبر من قصة سبأ”

السبت يونيو 25, 2022 9:56 pm
 .
أقول -والله أعلم بمراده- : من تأمل السورة وتدبرها ولاحظ مُفتتحها
 ومُختتمها وأثناءها وجدها تتحدث عن معنى -أرجو أن يكون صوابا-
 وهو : قدرة الله -عزّ وجل- على تبديل الأمور من حال إلى حال ، من حال الرخاء
إلى حال الشدة والعكس ، وذكر الله -عزّ وجل- نموذجين ظاهرين للعبد الشاكر
وللأمة الكافرة وكيف آل أمر هذا وأمر هؤلاء ، أُناس على حال فاضلة وحسنة من النعمة
بدّل الله عليهم لما بدلوا ، وعبد صالح وهو داود -عليه السلام- شكر فأنعم الله -عزّ وجل-
عليه بأنواع من النِعم من أجلّها ولد من صُلبه يكون نبيا ويؤتيه الله ملكا لم ينبغي لأحد
من بعده وهكذا . 
.
إذا هذه القصة جاءت في العهد المكي وهي رسالة لأهل مكة الذين قيل لهم
 (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلا
وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ)
.
وقال الله لهم: 
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ)


رسالة إلى أهل مكة ولكل قرية ومملكة ودولة ، سمّها ما شئت من بلاد الدنيا
لا تستقيم على أمر الله ، المصير واحد ، والسّنة الإلهية لا تُحابي أحدا
 ولا تُجامل أحدا .
.
فهي رسالة واضحة إلى أهل مكة إن لم تفعلوا فسيكون مصيركم
مصير هذه المملكة وهي مملكة سبأ .
.
سبأ : هي قبيلة نُسبت إلى رجل من العرب تكاثرت ذريته فكانوا عدة قبائل منها :
حِمير وفيرها من القبائل ، لكن كان من شأنهم -وهذا الذي يهمنا هنا- أن الله -عزّ وجل-
 أرغد عليهم ، كانوا قد سكنوا بين واديين عظيمين وكانت السيول تأتيهم من كل جهة
فعملوا ردما حتى يستطيعوا أن ينتفعوا بهذه السيول في كل وقت في العام حتى قال
بعض المؤرخين :
إنهم وضعوا في السدّ ثلاثة أبواب فإذا ارتفع الماء جدا فتحوا الباب الأعلى
حتى يفيض ما فيه فإذا نقص أو احتاجوا فتحوا الباب الثاني إلى الباب الثالث ،
وكانوا -بزعمهم- أحكموا السدّ إحكاما شديدا حتى يستمر لهم ما هم فيه من نعيم وترف
 و...و...الخ ،
وكان من شأن هذه القرى -أيضا- وهذه المملكة -مملكة سبأ-
 أنهم كما قال الله -عزّ وجل- (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ)
هذه عُدوة الوادي الذي كانوا يسكنونه عن يمين وشمال ، هنا يأتي التوجيه الرباني
(كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ) وتلحظ أن الله أضاف الرزق إلى صفة الربوبية لأن هذا من آثار
ربوبيته -عزّ وجل- ولم يقل (كلوا من رزق الله) إشارة إلى منتِه عليهم -عزّ وجل-
وأن هذا من آثار ملكه ومن آثار ربوبيته . هذه واحدة.
.
ثم لما أمرهم بأكل الرزق أمرهم بالشكر فقال (وَاشْكُرُوا لَهُ)
وهنا إذا نظرت إلى هذا الأمر ونظرت إلى قول الله -سبحانه وتعالى-
في قصة داود (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا ...) الخ (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) آل داود ،
 لم يقل داود ، كل آل داود قال (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) هؤلاء القلة داود وآل بيته ،
ومن الكثرة الكافرة بنِعم الله سبأ.
.
(كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ)
هل الطيب هنا يعود إلى نفوس هؤلاء أم يعود إلى طيب البيئة والطبيعة
التي عاشوا فيها؟ الثاني -بلاشك- وإلا لو كانوا طيبين معنويا لما استحقوا العذاب . 
.
(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)
وهنا التمس العلماء حكمة في ختم هذه الآية الكريمة بهذا الاسم العظيم
 (وَرَبٌّ غَفُورٌ) الله -عزّ وجل- إذا قست ما أنعم به من النِعم على ما يأتي من عباده
من الشّكر فلا مُقارنة (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) فضلا عن أن تقدروا على شكرها
ومع ذلك فربنا -عزّ وجل- غفور وربنا شكور يقبل من عباده أن يأتوا بالواجبات ويتركوا
المحرمات ، فهو -عزّ وجل- مع كثرة كرمه وإِنعامه وإِفضاله فإنه -عزّ وجل- يرضى من عباده
بالقليل ومع ذلك أدرك هذه القرية والمملكة الخذلان ، ويقال أنه جاءهم عدة رسل وأنبياء ،
المقطوع به أنهم لم يشكروا نعمة الله فاستعلنوا بالمعاصي وكفروا نعمة الله -عزّ وجل-
كما سيأتي إن شاء الله في سياق القصة- .
.
ثم قال الله -عزّ وجل- بعدها (فَأَعْرَضُوا) وهذا كما يقول العلماء :
 أحد الأصلين الكبيرين في تكذيب جميع الأمم ، فالأصل الأول : الإعراض ،
والأصل الثاني هو: التكذيب. وهذا كثير جدا قال الله -عزّ وجل- في سورة الليل
(لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى*الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى)        
هذه جمعت أصلي الكفر عند الأمم التكذيب والإعراض.
 (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا) وفي إبراز سبب الكفر حكمة ومعنى ينبغي أن ننتبه لها
وهو: أن الله لا يظلم الناس شيئا ، لم يُعذبهم الله هكذا بل عذبهم الله بما كسبت أيديهم ،
.
وفي هذا مما يُلتمس أنك -ولله المثل الأعلى- إذا أردت أن تُعاقب أحدا
فبيّن له سبب العقوبة حتى لا يظن أنك ظلمته أو بهته .
 والله -سبحانه وتعالى- لو عذب لم يُعذب إلا من يستحق ومع هذا يُبرز الله -عزّ وجل-
لنا في هذه القصة أكثر من سبب من أسباب تعذيبهم (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ) .
.
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) هم لما بنوا السدّين الضخمين يُقال
أن الله -عزّ وجل- أراد أن يُبيّن هشاشة ما بنوا فأرسل على أصل السدّ
فأرة نقبت هذا السدّ ولهذا يشتهر كثيرا المثل السائر (نقب أو ثقب في سدّ مأرب)
ويُشار به إلى عدم الاستهانة بالذنب الصغير أو بالعمل الصغير الذي قد يتطور
إلى أن يصل إلى هدم سدّ وإغراق بلد كاملة ، فأحيانا بعض الذنوب خاصة إذا
استُعلن بها ولم تُنكر فإن عاقبتها قد تكون وخيمة جدا .
.
فأرسل الله عليهم هذا السيل العرِم الذي أتى على بيوتهم وأتى على ثمارهم ،
وأتى على أشجارهم وأنهارهم وأتى على كل النِعم التي كانوا فيها ،
فالثمار فسدت والأشجار اقتُلعت ، والأنهار طُمرت ، وحصل من الفساد شيء 
لا يخطر لهم على بال .
قال الله -سبحانه وتعالى- (وَبَدَّلْنَاهُم) وهذه عقوبة لكن الله -سبحانه وتعالى-
لا يُعاقب إلا بعد قيام الحجّة
.
 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ*جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا)
هنا لما بدلوا بُدل عليهم ، بدلوا الشكر بالكفر ، بدلوا الإقبال بالإعراض
بدلوا الطاعة بالمعصية ، بدلوا الإيمان بالكفر والتكذيب فبُدلت حياتهم ،
وهذه -والله- لا تقتصر على هؤلاء القوم لكن من الناس من يعمى ، ويظن أن عقوبات الله تعالى محصورة في أشياء حسية يراها الناس كهدم أو غرق أو أشياء من هذا القبيل ، لا ، عقوبات الله تتنوع ، أحيانا قد تأتي عقوبات تستنزف اقتصاد الناس ، تاتي عقوبات بأن يُسلط الله الناس بعض الناس على بعض ، تأتي عقوبات أخرى كثيرة تُشغل الناس وتُشغل الناس بعضهم ببعض ، وتُشغل الحكومات والدول حتى تأتي مشاكل تتتابع وتتراكم على بعضها لا يخطر لهم على بال أنها وصلت إلى هذه المرحلة وإذا فتشت وإذا هي ذنوب على ذنوب ، ومظالم على مظالم ، ومعاصي على معاصي ، ومنكرات لم تُنكر ومعروف لم يؤمر به حتى يأتي أمر الله وتحِق عليها السُنن قال الله -عزّ وجل- (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) وقال الله -عزّ وجل- (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) والتدمير -كما قلنا- قد يأتي بهذه الصورة التي وقعت لسبأ وقد يأتي بالتدمير الاقتصادي ، وقد يأتي بالتدمير النفسي ، وقد يُسلط على الناس من سوى أنفسهم عدوا يستبيح بيضتهم -والعياذ بالله- فليحذر الإنسان ولا يأمن مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .
فلما بدلوا بُدل عليهم -كما قلنا- فقال الله -عزّ وجل- (وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) جزاء وفاقا (ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ) وكلها أشجار -إذا قرأت في كلام المفسرين- وجدت أنهم يدورون على أنها أشجار -في الأعمّ الأغلب- كريهة الرائحة لا يُنتفع بها ، بعد أن كانت تلك الأودية والقرى فيها من أنواع الثمار ما الله به عليم حتى قال الحسن البصري -رحمه الله- : إن المرأة تخرج ومعها مغزلها وتحمل فوق رأسها المِكتل فلا تحتاج أن تقطف ثمار فقط بمجرد أن تمشي في هذه الأودية وهي مشغولة بمِغزلها يمتلئ المِكتل من كثرة ما يسقط فيه من الثمار والنِعم. فلما بدلوا بُدل عليهم .
وهذا -أيها الإخوة- كما يكون على مستوى الأمم فهو كذلك على مستوى الأفراد ولهذا تلحظ في القصة الآن نموذج للعبد الشاكر ، فعندنا عبد شاكر وأسرة شاكرة داود وآله ، وعندنا أمة كافرة ، هذا -كما قلنا- في حال الأمم فكذلك العبد نفسه إذا بدّل بدّل الله -عزّ وجل- عليه ، كم من إنسان من الصالحين والأخيار والأفاضل كان يعيش لذة مناجاة الله -عزّ وجل- ، كات يعيش لذة قراءة القرآن الكريم وتدبره ، كان يعيش لذة الصيام ، لذة القيام في الليل ، لذة البكاء من خشية الله -عزّ وجل- فلم يشكر هذه النعمة ، كيف؟ مثلا : بدأ يُطلق بصره فيما حرمه الله -عزّ وجل- ، أو بدأ يُطلق لسانه في أعراض الناس فبدأ ينتقصهم ويذكر عيوبهم فيعاقبه الله من حيث لا يشعر ، تخبو جذوة الإيمان في قلبه شيئا فشيئا حتى يُحرم من هذه النِعم ، هذا -والله أيها الإخوة- من أعظم ما يكون من العقوبات حتى يقسو قلبه ولا يكاد يعتبر بشيء -نسأل الله السلامة والعافية- فينتبه العبد كما أن الحديث عن كفران الأمم والدول والجماعات فكذلك نستفيد منه هنا فيما يتعلق بالأفراد والله تعالى يقول (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) وهذه كما تكون في الأقوام تكون في الأفراد ، فمن غيّر غيّر الله -عزّ وجل- عليه ولا يظلم ربك أحدا ….الخ
.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى